السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
قرأت مقالكم الكريم بعنوان ( حقوق المواطنة في المجتمع الإسلامي )
و لي تعليق صغير عليه - مع اعترافنا لفضيلتكم بالعلم و الفكر , و ضحالة علمي و فكري , لكنها النصيحة التي أوجبها الله علينا فيما نراه حقا .
ذهبت فضيلتكم إلى أن شكل الحكم في دول العالم الإسلامي اختلف عما كتب عنه الفقهاء و أن الحكم صار مؤسسيا و لم يعد فرديا و بالتالي لا يشكل دين أو توجه الحاكم فارقا في سياسات الدولة , و لذلك ترى أنه لا مانع من اختيار الناس حاكما غير مسلم لأنه محكوم بالدستور لا يستطيع الخروج عنه , و هذا الكلام في رأيي مردود من عدة جهات :
أولا : ليس القول بمنع الحكم في دول الإسلام على غير المسلمين بقول للفقهاء السالفين فحسب , و لكنا نجد فقيه العصر العالم بالشرع و الواقع فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله و رعاه يقول بذلك أيضا في كتابه ( الدين و السياسة ) .
ثانيا : القول بأن في دولة المؤسسات الحاكم أشبه بمن يملك و لا يحكم لوجود الدستور و توزيع السلطات غير صحيح , و الواقع يشهد بغير ذلك , و دع عنك دولنا فهي لا توصف بالدولة المؤسسية بتاتا , و انظر معي إلى دول الغرب الديموقراطي , و كيف تختلف سياساتها الداخلية و الخارجية بتوجهات من يحكمها و كيف بدأت الاشتراكية تغزو أوروبا و أمريكا الجنوبية و تغير من سياسات قادتها , و لم تقف المؤسسية الفاعلة هناك حائلا دون تغيير السياسات تبعا لتغير التوجهات القيادية .
ثالثا : و هي مكملة للنقطة الثانية , في دولة المؤسسات التي تتحدث عنها لا يحكمها المستقلون غالبا , بل لم يحدث أن حكمها مستقل إلا في الأقل النادر , و إنما الحكم فيها للحزب المنتصر في الانتخابات الحائز على الأغلبية , و في الغالب أن الحزب الذي يحصل على أغلبية مقاعد البرلمان يحصد منصب الرئاسة أيضا إن كان هو الأعلى تنفيذيا في الانتخابات التالية , فبالتالي تكون المؤسسة التنفيذية و التشريعية محكومة بنفس التوجه , فتكون تلك المؤسسية موجهة و ليست مطلقة , إذ المشرع و المنفذ يتبنون نفس التوجهات و السياسات .
فتختلف تبعا لذلك كنتيجة حتمية توجهات الدولة حسب توجهات الحزب الفائز , و لا يمنع الدستور الثابت من ذلك , بل لا يمنع من تغييره الدستور ذاته , و في تركيا مثال واضح على تغيير توجهات الدولة تبعا لتغيير سياسات حاكمها , و لا شك أن سياسات تركيا الداخلية و الخارجية تختلف اختلافا جذريا في ظل حكامها القريبين من الإسلام .
رابعا : لا يوجد دستور و لا قانون مكتوب يستطيع أن يوجه البشر و يضبط سيرهم وفقا لشريعة الله دون وجود الرقابة الداخلية و الوازع الديني , و الدافع للحكم بالشريعة , و لا يمكن لغير المسلم أن يتبنى بحرارة قضايا الإسلام و شرائعه و حمل هم توجيه الناس و تربيتهم على الإسلام و عقائده و شعائره و شرائعه و آدابه في الإعلام و التعليم و الثقافة مهما ذكرت ذلك في الدستور و مهما بلغت قوة المؤسسية , بله توجيه جهوده لدعوة غير المسلمين , بل توجد دوما طرق التملص و التحايل و الهدم من الداخل .
خامسا : لا ينبغي أن نفكر لقضايانا متأثرين بضغط واقع أليم من صنع أعدائنا لا من صنعنا نحن , ففصل مهام الحاكم عن ضرورة اتصافه بالعلم الشرعي من رواسب العلمانية و الليبرالية و ليست من صنعنا , و لا نقول بأن يكون مجتهدا و لكن عنده حد من العلم الشرعي كي يتقي الله في الأمة , و لا يعقل أن تكون المؤسسية تسوي بين حكم العادل و الظالم و الطاهر و الدنس و التقي و الفاجر و العالم و الجاهل مهما بلغت من قوة , و إلا فإن التاريخ البشري هو تاريخ قيادات أثرت في غيرها , و دور الفرد في تغيير الأمم لا تلغيه المؤسسيات .
و أبو بكر غير عمر غير عثمان رضي الله عنهم أجمعين رغم استقائهم من منبع واحد و رغم اتصافهم جميعا بالتقى و العدالة .
و الله و رسوله أعلم .
أخوك الأصغر : وائل صلاح الدين
أنا صريح
قرأت مقالكم الكريم بعنوان ( حقوق المواطنة في المجتمع الإسلامي )
و لي تعليق صغير عليه - مع اعترافنا لفضيلتكم بالعلم و الفكر , و ضحالة علمي و فكري , لكنها النصيحة التي أوجبها الله علينا فيما نراه حقا .
ذهبت فضيلتكم إلى أن شكل الحكم في دول العالم الإسلامي اختلف عما كتب عنه الفقهاء و أن الحكم صار مؤسسيا و لم يعد فرديا و بالتالي لا يشكل دين أو توجه الحاكم فارقا في سياسات الدولة , و لذلك ترى أنه لا مانع من اختيار الناس حاكما غير مسلم لأنه محكوم بالدستور لا يستطيع الخروج عنه , و هذا الكلام في رأيي مردود من عدة جهات :
أولا : ليس القول بمنع الحكم في دول الإسلام على غير المسلمين بقول للفقهاء السالفين فحسب , و لكنا نجد فقيه العصر العالم بالشرع و الواقع فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله و رعاه يقول بذلك أيضا في كتابه ( الدين و السياسة ) .
ثانيا : القول بأن في دولة المؤسسات الحاكم أشبه بمن يملك و لا يحكم لوجود الدستور و توزيع السلطات غير صحيح , و الواقع يشهد بغير ذلك , و دع عنك دولنا فهي لا توصف بالدولة المؤسسية بتاتا , و انظر معي إلى دول الغرب الديموقراطي , و كيف تختلف سياساتها الداخلية و الخارجية بتوجهات من يحكمها و كيف بدأت الاشتراكية تغزو أوروبا و أمريكا الجنوبية و تغير من سياسات قادتها , و لم تقف المؤسسية الفاعلة هناك حائلا دون تغيير السياسات تبعا لتغير التوجهات القيادية .
ثالثا : و هي مكملة للنقطة الثانية , في دولة المؤسسات التي تتحدث عنها لا يحكمها المستقلون غالبا , بل لم يحدث أن حكمها مستقل إلا في الأقل النادر , و إنما الحكم فيها للحزب المنتصر في الانتخابات الحائز على الأغلبية , و في الغالب أن الحزب الذي يحصل على أغلبية مقاعد البرلمان يحصد منصب الرئاسة أيضا إن كان هو الأعلى تنفيذيا في الانتخابات التالية , فبالتالي تكون المؤسسة التنفيذية و التشريعية محكومة بنفس التوجه , فتكون تلك المؤسسية موجهة و ليست مطلقة , إذ المشرع و المنفذ يتبنون نفس التوجهات و السياسات .
فتختلف تبعا لذلك كنتيجة حتمية توجهات الدولة حسب توجهات الحزب الفائز , و لا يمنع الدستور الثابت من ذلك , بل لا يمنع من تغييره الدستور ذاته , و في تركيا مثال واضح على تغيير توجهات الدولة تبعا لتغيير سياسات حاكمها , و لا شك أن سياسات تركيا الداخلية و الخارجية تختلف اختلافا جذريا في ظل حكامها القريبين من الإسلام .
رابعا : لا يوجد دستور و لا قانون مكتوب يستطيع أن يوجه البشر و يضبط سيرهم وفقا لشريعة الله دون وجود الرقابة الداخلية و الوازع الديني , و الدافع للحكم بالشريعة , و لا يمكن لغير المسلم أن يتبنى بحرارة قضايا الإسلام و شرائعه و حمل هم توجيه الناس و تربيتهم على الإسلام و عقائده و شعائره و شرائعه و آدابه في الإعلام و التعليم و الثقافة مهما ذكرت ذلك في الدستور و مهما بلغت قوة المؤسسية , بله توجيه جهوده لدعوة غير المسلمين , بل توجد دوما طرق التملص و التحايل و الهدم من الداخل .
خامسا : لا ينبغي أن نفكر لقضايانا متأثرين بضغط واقع أليم من صنع أعدائنا لا من صنعنا نحن , ففصل مهام الحاكم عن ضرورة اتصافه بالعلم الشرعي من رواسب العلمانية و الليبرالية و ليست من صنعنا , و لا نقول بأن يكون مجتهدا و لكن عنده حد من العلم الشرعي كي يتقي الله في الأمة , و لا يعقل أن تكون المؤسسية تسوي بين حكم العادل و الظالم و الطاهر و الدنس و التقي و الفاجر و العالم و الجاهل مهما بلغت من قوة , و إلا فإن التاريخ البشري هو تاريخ قيادات أثرت في غيرها , و دور الفرد في تغيير الأمم لا تلغيه المؤسسيات .
و أبو بكر غير عمر غير عثمان رضي الله عنهم أجمعين رغم استقائهم من منبع واحد و رغم اتصافهم جميعا بالتقى و العدالة .
و الله و رسوله أعلم .
أخوك الأصغر : وائل صلاح الدين
أنا صريح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق