الأحد، 14 سبتمبر 2008

و بكى هنية .......... قصة حياة قطرة ماء

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ربما لا تعرفونني جيدا , و ربما لو عرفتموني لن تعرفوا لي قدرا و لا وزنا , و ذلك لأني مجرد تجمع من ذرات الهيدروجين و الأكسجين , لكني أفخر بما خلقني الله عليه و بالمهمة التي أوكلها لي , أنا و بلا فخر ( قطرة ماء ) .
سبحان الله و بحمده ......... سبحان الله العظيم
مررت منذ خلقت بتجارب لا حصر لها , ربما لن تصدقوني إن قلت لكم , مثلا : نزلت من السماء لألتقي بأخواتي اللواتي فضن من الأرض في الطوفان الشهير الذي أغرق الله به قوم نوح , و كم كنا ندعو الله أن يسلطنا على أولئك الجاحدين , و كان لنا الفخر أن كنا من جنود ربك التي لا يعلمها إلا هو .
سبحان الله و بحمده ........ سبحان الله العظيم
ذات مرة كنت في مصر أجري في نيلها , و سمعت ذلك المغرور يتبجح قائلا : ( ........ و هذه الأنهار تجري من تحتي ) , صحت به قائلة : ( و هل أنا أجري بأمرك أيها الفاجر ؟ ) , و كم كانت سعادتي حين كلفني الله بإغراق هذا العبد الآبق , و دخلت حلقه مع أخواتي ليتم أمر الله .
سبحان الله و بحمده ........... سبحان الله العظيم
مرة أخرى , كنت في سحابة فوق الحجاز , و إذا بالأمر الإلهي يصدر لي أن انزلي , و رأيت عجبا , رأيت آلاف الملائكة تنزل بأسلحتها , ما هذا ؟ أي يوم هذا ؟ قيل لي : هذا يوم الفرقان , إنه يوم بدر , و كاد قلبي يطير من الفرحة إذ علمت أن مهمتي هي عون خير خلق الله محمد صلى الله عليه و سلم , و نزلت مع أخواتي نثبت تلك الأقدام الطاهرة , يا الله , ما أطهر تلك الأقدام , صحابة خير الأنام , لم أر في تاريخ الأرض مثل أولئك , لي كل الفخر أن جعلني الله أمس تلك الأقدام الحافية الطاهرة .
سبحان الله و بحمده ............. سبحان الله العظيم
آخر احتكاكي بالبشر الأطهار كان حين أمرني الله بالاشتراك في السيل الذي حمل جثمان الشهيد البطل عاصم بن ثابت , ذلك المغوار الذي أبر الله قسمه بألا يمسه مشرك , فحملناه ليلا إلى حيث لا يعلم إلا الله .
سبحان الله و بحمده ........... سبحان الله العظيم
من وقتها و ابتلاني الله ببشر قلوبهم أسود من الليل البهيم , لا يذكرون الله و لا يسبحونه , و يأكلون رزقه و يعبدون غيره , حتى من الله علي منذ حوالي خمسمائة عام ألا أدخل جسم بشر , و كلفني بالحيوانات , فوجدتهم أشقائي , يسبحون الله كما أسبح , و يذكرونه ليلا و نهارا و يشكرون نعماءه و يستسلمون لقضائه , فاستغنيت بهم عن البشر , و تنقلت بينهم , فمن منقار عصفور , إلى فم أسد , إلى عرق فرس ...... .
سبحان الله و بحمده .......... سبحان الله العظيم
حتى قضى الله أن أعود إلى أجساد البشر ثانية , و كان أولهم عابد مزيف , يعبد نفسه و يظهر للناس أنه يعبد الله , و يفتي بأهواء السلاطين و يقول هذا حكم الله , تبا له ما أجهله و ما أحلم الله عليه , خرجت منه في دمعة زائفة و هو يصلي للناس لا لربه , ما أقبحه , أذكر أني مرة خرجت من دمعة تمساح , و كان التمساح أصدق و أنبل ألف مرة من هذا الوغد .
المهم أني أخذت أنتقل من شر إلى شر , و من فاسق إلى فاجر , حتى كان اليوم الموعود .
سبحان الله و بحمده ............ سبحان الله العظيم .
دخلت منقار صقر و هو يشرب , ما أجمل تلك الطيور النبيلة , و إذا به يطير صوب تلك البلاد الطاهرة , أذكرها جيدا , يوم أن كنت من جنود نبي الله سليمان عليه السلام , اشتقت إليها كثيرا , ما بال السواد يغطيها ؟
و قضى الله أن أخرج من عرق الطائر لأسقط في تلك البقاع , و تنقلت فيها حتى دخلت ذلك الجسد الطاهر , يا الله , منذ قرون لم أدخل مثل هذا الجسد , مكثت بداخله و أنا أسمع من كل ذرة منه تسبيحا كتسبيحي , و ذكرا كذكري , و وجدت قلبا يشاركني في تعظيم الخالق , فسعدت أيما سعادة , و تذكرت تلك الأيام الخوالي مع جند الله أهل بدر , من هذا العبد الصالح المجاهد ؟
قالوا : ( أبو العبد ) .
سبحان الله و بحمده .......... سبحان الله العظيم
و في ليلة و هو يصلي بالناس القيام , ارتجف ذلك القلب الطاهر , و تحشرج الصوت الندي و هو يتلو : ( عسى ربكم أن يهلك عدوكم و يستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ) .
و جاء الأمر من الله أن أخرج دمعة من تلك العين النقية , عساني أشفع لصاحبها يوم القيامة , لله درك من حاكم صالح و عبد مجاهد , اللهم فشفعني فيه .
سبحان الله و بحمده .......... سبحان الله العظيم





الأربعاء، 3 سبتمبر 2008

نصيحة لوجه الله لأستاذنا عصام تليمة

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

قرأت مقالكم الكريم بعنوان ( حقوق المواطنة في المجتمع الإسلامي )

و لي تعليق صغير عليه - مع اعترافنا لفضيلتكم بالعلم و الفكر , و ضحالة علمي و فكري , لكنها النصيحة التي أوجبها الله علينا فيما نراه حقا .

ذهبت فضيلتكم إلى أن شكل الحكم في دول العالم الإسلامي اختلف عما كتب عنه الفقهاء و أن الحكم صار مؤسسيا و لم يعد فرديا و بالتالي لا يشكل دين أو توجه الحاكم فارقا في سياسات الدولة , و لذلك ترى أنه لا مانع من اختيار الناس حاكما غير مسلم لأنه محكوم بالدستور لا يستطيع الخروج عنه , و هذا الكلام في رأيي مردود من عدة جهات :

أولا : ليس القول بمنع الحكم في دول الإسلام على غير المسلمين بقول للفقهاء السالفين فحسب , و لكنا نجد فقيه العصر العالم بالشرع و الواقع فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله و رعاه يقول بذلك أيضا في كتابه ( الدين و السياسة ) .

ثانيا : القول بأن في دولة المؤسسات الحاكم أشبه بمن يملك و لا يحكم لوجود الدستور و توزيع السلطات غير صحيح , و الواقع يشهد بغير ذلك , و دع عنك دولنا فهي لا توصف بالدولة المؤسسية بتاتا , و انظر معي إلى دول الغرب الديموقراطي , و كيف تختلف سياساتها الداخلية و الخارجية بتوجهات من يحكمها و كيف بدأت الاشتراكية تغزو أوروبا و أمريكا الجنوبية و تغير من سياسات قادتها , و لم تقف المؤسسية الفاعلة هناك حائلا دون تغيير السياسات تبعا لتغير التوجهات القيادية .

ثالثا : و هي مكملة للنقطة الثانية , في دولة المؤسسات التي تتحدث عنها لا يحكمها المستقلون غالبا , بل لم يحدث أن حكمها مستقل إلا في الأقل النادر , و إنما الحكم فيها للحزب المنتصر في الانتخابات الحائز على الأغلبية , و في الغالب أن الحزب الذي يحصل على أغلبية مقاعد البرلمان يحصد منصب الرئاسة أيضا إن كان هو الأعلى تنفيذيا في الانتخابات التالية , فبالتالي تكون المؤسسة التنفيذية و التشريعية محكومة بنفس التوجه , فتكون تلك المؤسسية موجهة و ليست مطلقة , إذ المشرع و المنفذ يتبنون نفس التوجهات و السياسات .
فتختلف تبعا لذلك كنتيجة حتمية توجهات الدولة حسب توجهات الحزب الفائز , و لا يمنع الدستور الثابت من ذلك , بل لا يمنع من تغييره الدستور ذاته , و في تركيا مثال واضح على تغيير توجهات الدولة تبعا لتغيير سياسات حاكمها , و لا شك أن سياسات تركيا الداخلية و الخارجية تختلف اختلافا جذريا في ظل حكامها القريبين من الإسلام .

رابعا : لا يوجد دستور و لا قانون مكتوب يستطيع أن يوجه البشر و يضبط سيرهم وفقا لشريعة الله دون وجود الرقابة الداخلية و الوازع الديني , و الدافع للحكم بالشريعة , و لا يمكن لغير المسلم أن يتبنى بحرارة قضايا الإسلام و شرائعه و حمل هم توجيه الناس و تربيتهم على الإسلام و عقائده و شعائره و شرائعه و آدابه في الإعلام و التعليم و الثقافة مهما ذكرت ذلك في الدستور و مهما بلغت قوة المؤسسية , بله توجيه جهوده لدعوة غير المسلمين , بل توجد دوما طرق التملص و التحايل و الهدم من الداخل .

خامسا : لا ينبغي أن نفكر لقضايانا متأثرين بضغط واقع أليم من صنع أعدائنا لا من صنعنا نحن , ففصل مهام الحاكم عن ضرورة اتصافه بالعلم الشرعي من رواسب العلمانية و الليبرالية و ليست من صنعنا , و لا نقول بأن يكون مجتهدا و لكن عنده حد من العلم الشرعي كي يتقي الله في الأمة , و لا يعقل أن تكون المؤسسية تسوي بين حكم العادل و الظالم و الطاهر و الدنس و التقي و الفاجر و العالم و الجاهل مهما بلغت من قوة , و إلا فإن التاريخ البشري هو تاريخ قيادات أثرت في غيرها , و دور الفرد في تغيير الأمم لا تلغيه المؤسسيات .
و أبو بكر غير عمر غير عثمان رضي الله عنهم أجمعين رغم استقائهم من منبع واحد و رغم اتصافهم جميعا بالتقى و العدالة .

و الله و رسوله أعلم .

أخوك الأصغر : وائل صلاح الدين
أنا صريح