السبت، 18 أكتوبر 2008

خواطر في فقه المشي في المناكب : 1 - فقه الإنفاق

بسم الله , الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على أشرف الخلق و سيد المرسلين .

هذه سلسلة من الخواطر حول قضايا تتعلق بالتعامل مع المال , ليست دراسات و لا أبحاث و لا رؤى شرعية علمية بقدر ما هي ( خواطر ) .

أبدؤها بالحديث عن ظاهرة أرقتني و أحزنتني كثيرا في رمضان الماضي , ألا و هي ( تكييف المساجد ) .

لا تتعجب أخي الكريم , فعمارة المساجد من صفات المؤمنين بالله و اليوم الآخر و ليس فيها ما يحزن , و التيسير على المصلين شيء جميل , و لكن ما أحزنني و آلمني هو :

- حجم الأموال الضخم الذي أنفق في تكييف المساجد - خصوصا المساجد الكبيرة - حتى أصبح الأمر منافسة بين أهل المساجد في تكييف مساجدهم و صارت جملة مألوفة هي ( إشمعنى مسجد فلان مكيف و مسجدنا لأ ؟ ) .

- المشكلة الكبرى أن فاعلي الخير الذين تبرعوا - مشكورين مأجورين إن شاء الله تعالى - منهم من تبرع بمبالغ ضخمة تفوق عشرات الآلاف من الجنيهات , هم أنفسهم إن طلبت منهم تبرعات لبناء الإنسان المسلم ( دعم تحفيظ الأولاد القرآن الكريم - أنشطة تربوية في المساجد - مجلات و وسائل دعوية - ...... ) لا يقتنع و لا يثق في جدوى ذلك و هل ذلك سيمنحه ( ثوابا و أجرا ) أم لا .

- مما يدل على أنه رغم الروح الخيرية التي لازالت موجودة في مجتمعاتنا , إلا أنها تحتاج لتوظيف , و يحتاج الإنفاق إلى ( فقه ) .

فليس من المعقول أن ننفق عشرات الآلاف في عمارة البنيان و لا ننفقها في عمارة الإنسان , هل الحجر أهم من البشر ؟

- المشكلة الأخرى , أنه غالبا لا توجد حاجة حقيقية لتكييف المساجد , فالجو مهما اشتدت حرارته , في مكان مفتوح كمسجد تكفي جدا - عن تجربة فنحن أبناء المساجد و لله الحمد - تكفي جدا المراوح في ترطيب الجو , فالإنفاق ترك الضرورات و اتجه إلى الكماليات .

و من المعروف شرعا أن المصالح تختلف رتبتها من الضرورات إلى الحاجات إلى التحسينات , فلا ينبغي الاهتمام بالتحسينات بينما الضرورات لم تسد بعد .

و من الضرورات الحياتية الأولى بإنفاق أهل الخير من تكييف المساجد :
- تزويج الشباب الغير قادر .
- دعم الشباب العاطل لبدء مشروعات صغيرة .
- توفير مشاريع صغيرة تدر دخلا على العوائل الفقيرة .

و من الضرورات الدعوية في عصر تغييب القيم و الهوية , و تفريغ الأمة من عقيدتها :
- دعم النشاط الدعوي في المساجد من دروس علمية و تحفيظ قرآن و أنشطة ترفيهية لاستيعاب الشباب الضائع .
- الإنفاق على المطبوعات الدعوية ( مجلات - كتب - نشرات - ...... ) .
- دعم الفضائيات الإسلامية في مواجهة العري و العلمنة و الدعوة إلى تغييب شريعة الأمة عبر الإعلام الفاسد .
- دعم الحركات الإسلامية التي تتصدى للمشروع الصهيوني و وكلائه في أوطاننا .

و من الواجبات تجاه الأمة ككل :
- دعم صمود و جهاد الشعب الفلسطيني و فصائله المجاهدة .
- نجدة غزة المحاصرة البطلة حتى لا تركع و لا تتخلى عن حكومتها المجاهدة .
- دعم قوافل الدعوة الإسلامية في البلاد الإفريقية و غيرها لمواجهة أنشطة التنصير .
- نجدة الدول الفقيرة المسلمة بالذات حتى لا تتعرض لمد اليد إلى أعدائنا .

و هذا غيض من في فيض , فبالله عليكم , أذلك أولى أم تكييف المساجد ؟

في انتظار آرائكم , و إلى اللقاء في الحلقة التالية إن شاء الله تعالى .

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


-

هناك تعليق واحد:

اصحى يا نايم يقول...

هو يا سيدى الفاضل نفس المنطق الذى يجعل الناس يتسابقون فى بناء المساجد الصغيرة ( الزوايا ) حتى أصبح فى كل شارع مسجدين , فى كل مسجد عشرة مصلين .. لأنهم لا يرون ثواباً أعظم من هذا ـ

وهو يا سيدى الفاضل نفس المنطق الذى يجعل بعض المنتمين للدعوة الاسلامية لايرى وجها للانفاق غير فلسطين ولا يرى ثواباً يعادل هذا الثواب ـ وهو مأجور ان شاء الله ـ لكن المشكلة كما ذكرت فى غياب فقه الانفاق وترتيب الاولويات وتقديم المصالح ـ

قد يأتى يوم يكون فيه تكييف المساجد من أهم الضرورات لحفظ النفس كما فى بعض مناطق السعودية الحرارة تزيد فيهاعن 45 درجة .. حتى لا يستبيح الناس الصلاة فى منازلهم فى المكيفات الخاصة بحجة شدة الحر والخوف من المرض أو الاصابة ـ حتى يأتى ذلك اليوم .. لا يجوز لنا بالطبع أن نسبق واقعنا ونتخطى الأولويات أيا كانت الحجة

ولكن ... ـ
السؤال الأهم الآن : من يوضح للناس من محبى الخير والانفاق , ضوابط الانفاق وأولوياته بما لا يتعدى الضرورات الى التحسينات كما ذكرتم ؟ وهل هؤلاء المنفقين فعلاً وجدوا من يرشدهم ورفضوا ؟!ـ

للحديث بقية ولى عودة ان شاء الله
تقبل الله